Wednesday, July 26, 2006

الوطنية والقومية ... أدواء فرقت الأمة

قبل أن يتسلل فهم خاطئ لك أخي القارئ ...
الوطنية ومثلها القومية معانٍ سامية اذا اقترنت بالحب والتضحية من أجل الوطن والعشيرة بل والعائلة إذا لزم الأمر ... وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الله عليه وسلم محبًا لوطنه حيث بكى عند خروجه من مكة " والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله ... وأحب بلاد الله إلي ... ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت "
وكما قال الإمام البنا في رسالة دعوتنا تحت عنوان موقفنا من الدعوات المختلفة ...
" وطنية الحنين : إن كان دعاة الوطنية يريدون بها حب هذه الأرض، وألفتها والحنين إليها والانعطاف حولها، فذلك أمر مركوز في فطر النفوس من جهة، مأمور به في الإسلام من جهة أخرى، وإن بلالا الذي ضحى بكل شيء في سبيل عقيدته، ودينه هو بلال الذي كان يهتف في دار الهجرة بالحنين إلى مكة في أبيات تسيل رقة وتقطر حلاوة:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بواد وحولي إذ خر وجليـل
وهل أردن يوما مياه مجـنة وهل يبدون لي شامة وطفيل
ولقد سمع رسول ص وصف مكة من أصيل فجرى دمعه حنينا إليها وقال: (يا أصيل دع القلوب تقر).
وطنية الحرية والعزة : وإن كانوا يريدون أن من الواجب العمل بكل جهد في تحرير الوطن من الغاصبين وتوفير استقلاله، وغرس مبادئ العزة والحرية في نفوس أبنائه، فنحن معهم في ذلك أيضا وقد شدد الإسلام في ذلك أبلغ التشديد، فقال تبارك وتعالى: (وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) (المنافقون:8) ، ويقول: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (النساء:141) .
وطنية المجتمع : وإن كانوا يريدون بالوطنية تقوية الرابطة بين أفراد القطر الواحد، وإرشادهم إلى طريق استخدام هذه التقوية في مصالحهم، فذلك نوافقهم فيه أيضا ويراه الإسلام فريضة لازمة، فيقول نبيه صلى الله عليه وسلم : (وكونوا عباد الله إخوانا) , ويقول القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) (آل عمران:118) .
وطنية الفتح : وإن كانوا يريدون بالوطنية فتح البلاد وسيادة الأرض فقد فرض ذلك الإسلام ووجه الفاتحين إلى أفضل استعمار وأبرك فتح، فذلك قوله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ) (البقرة:193). "
لكن عندما يتعدى الأمر حد الاعتدال تصبح الوطنية والقومية من الأدواء التي تفرق الأمة وتصبح خطرًا على الأمة ومن مظاهر تجاوز الاعتدال في الوطنية والذي انتشر هذه الأيام بين المسلمين في شتى بقاع الأرض خاصة العرب منهم ..
1- وطنية الحزبية :
وهي التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الله عليه وسلم ( أتركوها فإنها منتنة)
وقد قال فيها الإمام البنا (و إن كانوا يريدون بالوطنية تقسيم الأمة إلى طوائف تتناحر و تتضاغن و تتراشق بالسباب و تترامى بالتهم و يكيد بعضها لبعض , و تتشيع لمناهج وضعية أملتها الأهواء و شكلتها الغايات و الأعراض و فسرتها الأفهام و فق المصالح الشخصية , و العدو يستغل كل ذلك لمصلحته و يزيد وقود هذه النار اشتعالا يفرقهم في الحق و يجمعهم على الباطل , و يحرم عليهم اتصال بعضهم ببعض و تعاون بعضهم مع بعض و يحل لهم هذه الصلة به و الالتفات حوله فلا يقصدون إلا داره و لا يجتمعون إلا زواره , فتلك وطنية زائفة لا خير فيها لدعاتها و لا للناس )
إن تحول الوطنية إلى عصبيات تُقسم الأمة إلى قطع متناثرة لهو من أشد الأدواء فتكًا بالأمة والذي كان من آثاره على سبيل المثال :
- الحروب والخلافات الحدودية بين الدول الإسلامية ( أزمة الصحراء المغربية ، جزر طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى بين الإمارات وإيران ، وشط العرب وشبه جزيرة الفاو بين العراق وإيران والتي تسببت في حرب العراق إيران في الثمانينيات من القرن الماضي)
- التقصير في دعم الدول الإسلامية المُحتلة بحجة أن جيش البلد الفلانية لا يحارب إلا دفاعًا عن هذا البلد .
- يصل الأمر أحيانًا لخلافات بين أهل القطر الواحد تصل لحد الاقتتال لتغليب الانتماءات القبلية وجعلها المحرك لأي نزاع .
تاريخيًا :
- وصم الخلافة الإسلامية في العهد العثماني بالاحتلال التركي وأن تلك الخلافة كانت سبب التخلف الذي أصاب مصر وهذا كله محض ادعاء .

2- الانتماء الوطني أم العقدي :
وذلك نوع آخر من تجاوز الاعتدال حيث أن الانتماء عقائديًا مسبق على كل انتماء وهكذا ربى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الله عليه وسلم أصحابه فهذا سيدنا مصعب بن عمير يمر بعد غزوة بدر بأحد الصحابة وقد أسر شقيقه فيقول سيدنا مصعب للصحابي " أشدد عليه قيده ، فإن له أمًا غنية تفديه..!" فقال له شقيقه الأسير " أهذه وصيتك بأخيك " فقال له سيدنا مصعب " هو أخي دونك" ...
هذا هو الانتماء العقيدة أولاً ثم انتماءات الأوطان والقبائل لذلك عاش الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم وهمهم الأول نصرة الإسلام في أي أرض وفي أي مكان ولم تظهر بينهم الخلافات التي بيننا ولا التقصير في حق إخواننا الذي نفعله هذه الأيام فعاشوا أعزة وفتح الله بهم واننا إن لم نعش كما عاشوا فلن نكون إلا أذلة ... وكما قال الفاروق عمر (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله) .

0 Comments:

Post a Comment

<< Home