Monday, June 19, 2006

الأسوار الأمنية ... دليل عجز وقلة حيلة

بقلم : أسد الدين
على مر العصور كانت الحماية عن طريق الحصون والأبراج والأسوار سلاح العاجز الضعيف ليكسب به وقتًا (أو قل ليضيعه) لأنه لايلبث أن ينهار أمام القادم الأقوى ، فيكون صاحبه أشبه بالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال عند الخطر ، على الرغم من أن المواجهة أحيانًا تكون ذات مكاسب أكبر ..
ولعل أكثر الأمم شهرة بهذا الأسلوب هم اليهود ... يقول الله عز وجل (لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ... ) الحشر (15) وليست خيبر وبني قريظة منا ببعيد ..
غير أن التاريخ يعلمنا أنه من لا يستفيد من دروس الماضي فلن يفلح ... والأحرى بمدعي التقدم التكنولوجي وأصحاب النظريات الاستراتيجية الفذة أن يواجهوا المشكلات بدلًا من الاختباء منها خلف الأسوار ... لكن هذا لم يحدث فتجارب الأسوار الأمنية مستمرة ولنرجع إلى الخلف قليلًا ..
أسوار منهارة من التاريخ
- ففي عام 122 ميلادية رعت الإمبراطورية الرومانية بناء «سور هادريان» بتكلفة مالية باهظة، بهدف حماية بريطانيا المزدهرة والمسالمة وقتئذ، من هجمات وغزوات القبائل الوحشية البربرية القادمة من كالدونيا شمالاً. بيد أن ذلك السور قد فلت عزيمته تحت وطأة هجمات تلك القبائل، فانهارت الإمبراطورية الرومانية كلها على عروشها، ليس في الجزر البريطانية وحدها، وإنما على امتداد القارة الأوروبية كلها
- وفي عام 1213م عندما أحس الصينيون بخطر المغول بنوا أكبر صور عرفه التاريخ سور الصين العظيم ولكن سلاح العاجزين عاجز .. فانهار السور أمام جحافل جنكيز خان واحتل الصين ..
- في أعقاب الحرب العالمية الأولى بنى الفرنسيون سور «ماغينوت» بالأسمنت المسلح وحموه بالمدفعية الثقيلة ولكن باندلاع الحرب العالمية الثانية التف الاألمان حول السور ووصلوا إلى قلب باريس ..
- في عام 1961م بنت ألمانيا الشرقية سور برلين لمنع هروب الشرقيين و اختلاط الأجناس مع ألمانيا الغربية وتكلف بناؤه أرواح الكثيرين ... ولكن العزل ليس حلا للمشكلة ..فانهار السور عام 1989 م .
جدار الفصل العنصري
يبدوا أن دروس الماضي لم تكف للتعلم فقوات الاحتلال الصهيوني أرادت منع دخول الاستشهاديين إلى قلب الكيان الصهيوني فبنت الجدار العازل لتعزل نفسها خلفه بدلًا من مواجهة المشكلة و إعطاء الفلسطينيين حقوقهم ...ولأن الحياة سيناريو متكرر من أحداث التاريخ فلقد انهار الجدار قبل أن يكتمل ... فلم يمنع إلى الآن العمليات الاستشهادية بل زادت حالة الاضطراب والفوضى داخل الكيان الصهيوني نتيجة الإحساس بالفشل الأمني وأن حكومتهم غير قادرة على حمايتهم .
أمريكا أيضًا
ويأتي الدور على من يسمونها القطب الأوحد وأقوى قوة في العالم لتنهج نفس النهج النعامي العاجز ..فبعد تزايد أعداد المهاجرين الشرعيين من المكسيك إلى الولايات المتحدة أرادت الحكومة الأمريكية وضع حد لهذه المشكلة وتفتقت الأذهان عن الفكرة القديمة "سور أمني" بطول الحدود مع المكسيك أي بطول 1945 ميلاً ولك أن تتخيل مقدار التكلفة المادية التي يتكلفها هذا السور والتي كان من الممكن أن تستخدم لمساعدة الحكومة المكسيكية على رفع مستوى الأفراد المعيشي فيبقون في بلادهم لتنميتها دون أسوار .
يقول الكاتب الأمريكي (جوناثان جلانسي) : " ... بل إن الحقيقة أن حكومة رئيس الوزراء البريطاني الحالي، يسودها ساسة جاء معظمهم من شمالي سور هادريان التاريخي. وبالمثل فربما تكون لنا حكومة أميركية يوماً، ينحدر رئيسها من أصول مكسيكية! ".

0 Comments:

Post a Comment

<< Home